وخير صديق في الأنام... كمبيوتر - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


وخير صديق في الأنام... كمبيوتر
رائد ابو عواد - 09\12\2008
استوقفتني عبارة توحي بثقل المعرفة وتعطي من يسمعها شعورا بمدى أهمية الأصدقاء وخاصة الأصدقاء الصامتين وهي عبارة "خير صديق في الأنام كتاب" وما كان سبب الاهتمام الزائد أنها عبارة جديدة على مسمعي وإنما مدى تعاملنا الصحيح مع من يعرضون علينا صداقتهم.
برغم كون الكتاب صديقا مخلصا يعطينا دون مقابل ويمدنا بشتى أنواع المعرفة إلا أن التطور التكنولوجي اوجد بدائل كثيرة للكتاب وتحول ما كان بعدا بيننا وبين القراءة إلى عداء شرس مع الكتاب بسبب البدائل السهلة والمغرية وليست هذه المشكلة التي اطرحها اليوم.
مشكلتي مع الصديق الجديد الذي استبدلنا الكتاب به..... انه جهاز الكمبيوتر الذي دخل حياتنا بقوه وجعل الكثير من الأمور أسهل والوصول إلى المعرفة أيسر وأسرع عن طريق شبكه الانترنت التي أدخلت العالم إلى كل بيت من بيوتنا ووفرت لنا منفذا إلى العالم بكل ما للكلمة من معنى فوجدنا بحرا من المعرفة وهذه كلها ايجابيات لا نستطيع إنكارها ولكن هل وفقنا عند هذا الحد أم أن هذا الصديق الجديد فتح أبوابا لم نكن نفكر بها (غير أبواب المعرفة....)
كثيرة هي الأبواب والفضول يدقعنا إلى فتحها ومعرفة ما خلفها وحينا نتغلب على فضولنا وأحيانا يتغلب علينا ولكن ما لفت انتباهي لم يكن ما خلف الأبواب ولا الزوايا المظلمة للانترنت وإنما الإدمان النفسي الذي أصيب به عدد لا يستهان به من مستعملي الشبكة. إدمان بكل ما للكلمة من معنى لان من يصل إلى مرحلة يستبدل فيها المجتمع الحقيقي والصداقات بالكمبيوتر يكون قد وصل إلى مرحلة الإدمان وكما اعلم فان الإدمان النفسي يعتبر من أكثر مراحل الإدمان خطرا....
إدمان إلى درجه أن انقطاع الانترنت أصبح مصيبة وانقطاع الكهرباء مصيبة اكبر ليس لان جهاز التدفئة سيتوقف عن العمل وإنما لان الوصول إلى الانترنت أصبح مستحيلا (ربما كنت شموليا نوعا ما هنا لان الهدف هو الوصول إلى المسنجر أو إلى غرف الدردشة) وهنا لا أقصدك أنت أيها القارئ ... "أنت طبعا لا تستعمل هذه الأشياء".
تذكرت الآن أنني استعملت في البداية عبارة خير صديق في الأنام كتاب وتذكرت سبب اعتباره صديقا وفيا –لأنه موجود دائما ويعطينا ما نريد من معرفه وهنا تكمن المشكلة وهي هل كل ما نريده مفيد لنا؟ وهل نأخذ كل ما يقدم لنا؟ هل نمتلك الوعي والرادع لنميز بين الخطأ وبين الصواب؟ وهل يعطينا الانترنت دون مقابل؟ (ولا اقصد هنا ثمن الاشتراك).
هل نكذب عندما نستعمل مواقع الدردشه؟ هل نقرأ كتابات تخدش الأدب؟ هل نرى صورا لا تناسبنا؟ هل نمس بمشاعر الآخرين؟ هل نقوم بتنزيل الأغاني او الملفات دون ان ندفع ثمنها؟ هل نترك حياتنا الاجتماعية لأجل الجلوس أمام الانترنت؟ هل نكتب تعليقات جارحه؟ هل نتعرف على أناس غير مناسبين لنا؟ هل نؤجل واجباتنا اليومية بسبب الرغبة الملحة بالدخول إلى الانترنت؟
كم هو جميل لو كانت جميع الإجابات على هذه الأسئلة بـ "لا" ولكن تعالوا نبني صوره لمستعمل الإنترنت الذي أجاب على واحد أو أكثر من الأسئلة بـ "نعم"... فهو:كاذب,غير مؤدب, غير محترم, لا يهتم لمشاعر الآخرين, لص وسارق, إنسان غير اجتماعي, عدواني, لا يقوم بواجباته الاجتماعية ومدمن نفسيا.
هل يسبب لي صديقي أن أكون في هذا الوضع؟ وهل أسأت التعامل مع صديق كان من الممكن أن يساعدني في كثير من الأشياء؟ هل المشكلة في الانترنت او في مستعملي الانترنت؟
لا اسأل بهدف الحصول على جواب.. والصفات المذكورة في المقال لشخص خيالي, واكيد اكيد لا يعيش بيننا وليس احد أصدقائنا و"طبعا" ليس احد أولادنا...